عاوز أتكلم النهارده عن موضوع أتكلم عنه عمنا سيجموند فرويد مؤسس علم التحليل النفسى و أزعم أنه يستحق هذا اللقب عن جداره رغم ما أثير من شبهات حول منهجه المرفوض من قبل الكثيرين ..
عمنا فرويد أبدى اٍهتمام شديد بموضوع (الهلاوس) و هو جمع هلوسة .. يعنى هلوسايه على هلوسايه يعملوا هلاوس و يبقى قائلها لغويا مهلوس و فى قول آخر مهيس و الله و رسوله أعلم ..
فرويد أطلق تعريف بسيط خالص و صغنون و لطيف على الهلاوس و عرفها بأنها ببساطه شديده اٍدراك حسى فى عقل المهلوس بدون موضوع خارجى حقيقى !!
تعريف بسيط جدا لكن فى حال تأمله سنجده موضوع على جانب خطير من الأهميه القصوى لما له من اٍرتباط وثيق بالصحه النفسيه و العقليه للفرد و علاقاته بالمحيطين به بل و بكل العالم الخارجى من حوله ..
اٍزاى ؟؟
صلوا بينا على حضرة النبى المصطفى خير الأنام ..
لما بتشتد الضغوط النفسيه على الشخص و بيتعرض لمواقف حياتيه صعبه نوعا ما بيمر غصب عنه بأزمات نفسيه بتختلف فى حدتها و قساوتها .. و فى نفس الوقت بتختلف معاييرها العقليه و القياسيه من شخص لآخر على حسب الفروقات الفرديه الموجوده لدى الجميع .. و اٍذا صادفت هذه الأزمات ضعفا نفسيا طبيعيا أو اٍستعدادا أصليا لعدم القدره على تجاوزها و هضمها بتتحول هذه الضغوط لأفكار يتحدث بها الفرد مع نفسه داخل عقله أولا ثم لا تلبث هذه المحاورات العقليه الداخليه بسبب عدم وجود متلقى لها أن تتحول لهلاوس تخرج بصوت مسموع قد يتخذ أشكالا متعدده كالحديث مع النفس أو كتابة خواطر و أفكار أو حتى على شكل مقطوعات موسيقيه يغلب على كل هذه الأشكال الطابع الهلوسى ..
عتاولة التحليل النفسى أدلوا بدلوهم فى هذا الموضوع و وقفوا عند نقطه مهمه فيه و قالوا اٍن الهلاوس اٍذا أقتصرت على مواضيع مبهمه ليس لها ملامح محدده زى أن يتحدث الشخص عن رؤيته فلاش سريع الاٍضاءه أو زنه كده فى الودان قصيرة الأمد فده بيسموه هلاوس أوليه ..
و لو أهملها الشخص و أستسلم لها بتقلب لمرحلة الهلاوس المركبه و فيها بيخيل للمريض أنه بيقابل أشخاص معينين و بياخد و يدى معاهم فى الكلام .. و كمان ممكن يقابل فى طريقه حيوانات و أشياء لا وجود لها .. و بيتخيل فى ذهنه وقائع و أحداث لم تحدث أصلا و بيقيم عليها اٍفتراضات بيتعامل معها على أنها واقع لا شك فيه و بيرفض تماما محاولات الآخرين تصحيح ما يراه حقيقه واضحه كالشمس فى ذهنه .. نيجى بقى للسؤال اللى حير المحلل النفسى : أيه اللى بيوصل الشخص لمثل هذه الحاله اللى مش بيقدر فيها يسيطر على حواره العقلى الداخلى و بيحوله لهلاوس على شكل كلمات مسموعه أو مكتوبه خاصة لما بيكون لوحده بدون وجود أشخاص آخرين من حوله ؟؟
فيه هنا اٍجابتين : تفسير بيقول أن هذه الهلاوس تفريغ لكم هائل من الهموم الداخليه لدى الفرد .. و تفسير تانى بيقول أنه من لوازم الاٍبداع فى مختلف أفرع الفنون ..
أنا شايف و الله أعلم أن الاٍنسان على طول مسيرة حياته بيقابل صعوبات جمه تبدو لكل واحد منا أنها الأقسى على الاٍطلاق .. و فى سبيل التغلب على هذه الصعوبات بيدخل فى حروب و مواجهات لا نهاية لها قد يخرج منها منتصرا أو مهزوما أو بين بين و لكنه على كل الأحوال بيفقد أثناء صراعه الحياتى هذا الكثير من السيطره على أجهزته الحسيه المسئوله عن السيطره على أفكاره فبتخرج منه بدون رقابه حقيقيه تماما زى الحلم بالنسبه للنائم .. لأن الحلم كما قال المحلل النفسى هو حارس النوم و به تستعين الأنا على خفض أسباب الاٍستيقاظ ..
هنا نبقى وصلنا لنقطه ممكن نربط بها بين الهلاوس و الأحلام .. لأن الأحلام بكل ما تحمل من رمزيه و تهويمات هى أصلا أفكار و مخاوف و رغبات موجوده بالأساس فى عقلية الحالم و قد وجدت طريقها للخروج و التعبير عن نفسها حال كون العقل الواعى المسيطر عليها فى حالة سبات عميق و قد فقد هيمنته و سيطرته عليها ..
أزعم وجود رباط وثيق بين الهلاوس بأنواعها و بين الهفوه .. الهفوه التى تخطر كوميض على عقل الفرد ثم لا يلبث سريعا أن يتداركها بالقمع أو التجاهل .. الفرق بين الأثنتين أن الهفوه مدتها قصيره للغايه و أما الهلاوس فطويلة الأمد ممتدة المفعول يسمعها الآخرون و يطلعون عليها أو يقرأوها و عندها ندرك أن الشخص يتحدث مع نفسه بصوت مسموع و علنى أو يهلوس مع نفسه و نبدأ فى تحذيره و لفت اٍنتباهه باٍخلاص أن أفكاره الغير مسيطر عليها قد بدأت فى الخروج للوجود و يقينا ستبدأ بشكل تدريجى يمر على الكثيرين بدون تأمل منهم و ربما صفقوا له اٍعجابا بأفكاره و لكن الحقيقه أن هذا بداية المرض العقلى .. بداية مرض الفصام اللى هو عباره عن أفكار و أحاسيس داخليه حصل لها بعض التحولات لظروف حياتيه معينه و أصبحت بتعكس شعور الشخص لنفسه و للمحيطين به بل و للعالم الخارجى كله .. بمعنى أوضح فالتحولات اللى حصلت لأفكار الشخص الداخليه أصبحت مدركات حسيه مسموعه أو مرئيه أو مقروءه و فى بعض الحالات بتمر هذه التحولات بمرحله وسيطه بيسمع فيها الشخص أفكاره و بيعتقد أن المحيطين به بيسمعوها معاه ..و لو أستمر الوضع على هذا المنوال دون أن يتدارك الشخص حالته .. و دون أن يستمع لنصائح المحيطين به بضرورة الخضوع للعلاج النفسى بتتحول حالته لحاله من الهلاوس القويه و الهذاءات المرضيه و قد تظهر أعراض ذلك فى كل مناطق الاٍدراك الحسى و بيبقى لديه هلاوس بصريه و هلاوس سمعيه و هلاوس شميه و هلاوس ذوقيه و هلاوس حركيه و هلاوس تتعلق بالألم و هلاوس جنسيه و من الجائز أن يكون لدى الشخص اللى أصبح مريض حقيقى هلاوس تتعلق بأكثر من حاسه ..
طيب أيه الحل ؟؟
اٍزاى نقدر نحافظ على صحتنا النفسيه و بالتالى العقليه من الوقوع فى مستنقع الهلاوس اللى أصلا بيبدأ بسيط و غير ملحوظ اٍلى أن يصل لحالة المرض العقلى و اللى أحيانا بيبقى لا رجوع منه ؟؟
أزعم و الله و رسوله أعلم أننا بداية كده يجب أن نضع أيدينا على أسباب مشاكلنا فى الحياه .. نحاول جاهدين أن لا نقنع أنفسنا بأننا كده حلوين و ميت فل و أربعتاشر لأنه بمرور الوقت و التعرض للاٍشكاليات المختلفه فى مسيرة حياتنا ستسقط هذه المشاعر الاٍيجابيه الزائفه شيئا فشيئا و يبدأ الفرد فى التحول من صاحب أفكار داخليه غير مسموعه لصاحب أفكار مسموعه أو مقروءه على شكل هلوسات أو هذاءات و حوارات مع واقع غير حقيقى أو أشخاص غير موجودين و ده فى رأيى الشخصى بسبب الاٍحباطات الطبيعيه فى الحياه و التوترات و الصراعات الداخليه بين شد و جذب و دى زى ما قلت مقدمه للأمراض العقليه اٍن لم تتدارك ..
موضوع الهلاوس موضع عنكبوتى متشعب و له أوجه كثيره ..
لكن عن صدق أطمئن أن النفس البشريه واحده سواء كان ما يصدر عنها هلاوس و هذيان أو حاله من الاٍبداع الفنى .. يعنى الهلوسه الناتجه عن ضغوط الحياه و مشاكلها و سخافاتها و مواقفها الصعبه و ضرباتها القدريه أكيد بتختلف عن الهلوسه التى بتبدع اٍنتاج فكرى معقول أو روايه بيعيش كاتبها كفرد من شخوص روايته و بينتج هلوسة الاٍنتاج الفنى المنطقى أو الاٍبداعى حتى و اٍن توحد الجميع تحت مسمى المهلوسين بما فيهم المرضى العقليين أصحاب الهذيان التخيلى ..يعنى الرسام أو الموسيقى أو الكاتب بتكون الهلوسه عندهم تعبير عن اٍنفعالات وجدانيه بشكل يحافظ على اِتزانه النفسى و ده حقه فى الحياه بغير شك بيختلفوا عن الآخرين اللى بياخد عندهم المرض النفسى الشكل التدريجى حتى يصلوا لمرحلة المرض العقلى و ده غالبا بيكون مصيرهم لو تمادوا فى الاٍستسلام للهلاوس بأنواعها ..
وقانا الله و اٍياكم شر الهلاوس و توابعها ..
و أسألكم قراءة الفاتحه على روح أخونا الفنان التشكيلى محمد على صفى َ الشيخ اٍمام رحمهما الله و كل أموات المسلمين ..
و لكم خالص تحياتى ..