الاٍسكندريه 10 يناير 1982 ..
حديقة كافيتريا كلية الآداب ..
أنا و زميلى العزيز اللى ماكناش بنفترق عن بعض أبدا بسام اللى كان فى قسم مسرح و اللى أصبح بعد كده الفنان اللامع بسام رجب قاعدين سرحانين فى ملكوت الله و غالبا كنا دايما سرحانين فى كيفية الحصول على مورد نجيب منه فلوس علشان معايش الحياه ..
و فجأه ..
ينطلق صوت جميل رخيم يصاحبه عزف على العود : أنا هويت و أنتهيت و ليه بقى لوم العزول ..
ألتفت ورايا و ألاقى شاب طويل نحيل من سننا يحتضن عوده و بيدندن و اٍبتسامه لطيفه على وجهه ..
- مين ده يا بسام ؟
- ده اٍيمان بتاع كلية الهندسه اللى جده سيد درويش ..
اٍيمان ؟ و جده سيد درويش ؟؟!!
فى الوقت ده أنا كنت بأدرس موسيقى لجانب دراستى فى كلية الآداب فى معهد كونسيرفتوار دى أليكسندرى على يد عازفة البيانو الرائعه مدام اٍيفلين أسود .. و هو كان معهد كده بالفلوس للهواه لكن كان راقى جدا جدا و مستوى الخريجين منه لا يقل عن مستوى الموسيقيين المحترفين ..
أنتبهت بشده لصوت اٍيمان و قارنت طبعا بين صوته و أداؤه و بين صوت و أداء جده الشيخ سيد .. طبعا جده كسب بدون شك ..
- بعد ما خلص الطقطوقه و أبتدا يضحك مع الطلاب اللى ألتفوا حوله لاقيت نفسى قمت و رحت له و سلمت عليه و قدمت له نفسى .. لاقيته رايح واقف و سلم عليا بترحاب شديد و بأحترام شديد و عرفنى بنفسه : اٍيمان البحر ..
و من اللحظه دى أبتدت صداقتنا .. كنت وراه فى كل حفله بيشارك فيها فى الكليات لأن فى الوقت ده كان فيه زخم فنى و ثقافى عاتى فى جامعة الاٍسكندريه .. ندوات ثقافيه بيحضرها كتاب كبار و شعراء و مثقفين يعتد بهم .. معارض فنون تشكيليه .. حفلات موسيقيه و غنائيه .. رحلات منظمه بشكل جيد كنا بنستفيد فعلا منها .. اٍحتكاك مباشر بأساتذتنا و مناقشات بينا و بينهم .. مكتبات لا حصر لها و مراكز ثقافيه أجنبيه فاتحه أبوابها بالمجان لكل الطلاب .. يعنى كان الجو مختلف تماما عما نشاهده الآن رغم مضايقات زملائنا الرافضين لفكرة الثقافه من أساسه ..
كان اٍيمان البحر بيقضى معظم أوقاته بين المحاضرات بكليته فى كافيتريا كلية الآداب .. و كان له أصدقاء مننا كثيرين لا حصر لهم .. أحببناه لدماثة خلقه و لطفه الشديد و اٍبتسامته الجذابه التى لا تفارقه ..
جدع أسكندرانى أبن بلد شهم و يفدى صاحب صاحبه .. و لو كان يعرف أن حد فى ورطه و لا مشكله ماكنش ينام الليل غير لما يحلها له و ياما أتكلف فى سبيل حل مشاكل أصدقائه ..
لما سألته ليه يا اٍيمان ما دخلتش معهد الموسيقى ؟ قال لى : اٍحتراف الموسيقى ما يأكلش عيش !! الموسيقى دى هوايه و لو أحترفتها مش حأنفع فيها ..
قبل الاٍمتحانات كان اٍيمان بيختفى و بيدخل الصومعه يذاكر زى السوسه علشان يعوض الأيام اللى قضاها حاضن عوده و بيتنقل من هنا لهناك .. و كان دايما بيجيب تقديرات كويسه .. ما هو الشاطر فى حاجه بيبقى شاطر فى كل حاجه أو هكذا يفترض ..
أنا و اٍيمان أختلفنا على حاجه ذات مره .. سوء تفاهم أو سوء فهم .. و زعلنا من بعض و دى كانت المره الأولى و الأخيره .. عدت شوية أيام و ماجاش كلية الآداب .. قلقت عليه و رحت له البيت علشان أصالحه .. لاقيته قاعد فى أوضته و مطفى النور و ضوء المغرب الخفيف داخل من الشباك .. قاعد على السرير و حاضن عوده و أبتدا يدندن : و الله تستاهل يا قلبى ليه تميل ما كنت خالى أنت أسباب كل كربى و أنت أسباب ما جرالى ..
يمكن ماخدش باله أنى موجود .. يمكن أنفصل بروحه عن المكان و الزمان .. يمكن أنا اللى أنعزلت عن الموجودات و اٍحساسى بالذنب تجاهه خلانى أشعر بضآلة و حقارة ما أختلفنا عليه و كدنا أن نخسر صداقتنا بسببه .. مش عارف !!
اٍيمان البحر درويش أحيانا أظن أنه مجرد روح .. روح بغير جسد .. روح شفافه مرهفه مرهقه تحترق من الداخل لاٍسعاد الآخرين .. روح تهيم و تتغذى بالموسيقى و بالجمال و بالمشاعر الاٍنسانيه التى لا تعرف حدودا و لا قيدا ..
صديقى الجميل بجد أنا فى حاجه شديده لسماع صوتك ..
حديقة كافيتريا كلية الآداب ..
أنا و زميلى العزيز اللى ماكناش بنفترق عن بعض أبدا بسام اللى كان فى قسم مسرح و اللى أصبح بعد كده الفنان اللامع بسام رجب قاعدين سرحانين فى ملكوت الله و غالبا كنا دايما سرحانين فى كيفية الحصول على مورد نجيب منه فلوس علشان معايش الحياه ..
و فجأه ..
ينطلق صوت جميل رخيم يصاحبه عزف على العود : أنا هويت و أنتهيت و ليه بقى لوم العزول ..
ألتفت ورايا و ألاقى شاب طويل نحيل من سننا يحتضن عوده و بيدندن و اٍبتسامه لطيفه على وجهه ..
- مين ده يا بسام ؟
- ده اٍيمان بتاع كلية الهندسه اللى جده سيد درويش ..
اٍيمان ؟ و جده سيد درويش ؟؟!!
فى الوقت ده أنا كنت بأدرس موسيقى لجانب دراستى فى كلية الآداب فى معهد كونسيرفتوار دى أليكسندرى على يد عازفة البيانو الرائعه مدام اٍيفلين أسود .. و هو كان معهد كده بالفلوس للهواه لكن كان راقى جدا جدا و مستوى الخريجين منه لا يقل عن مستوى الموسيقيين المحترفين ..
أنتبهت بشده لصوت اٍيمان و قارنت طبعا بين صوته و أداؤه و بين صوت و أداء جده الشيخ سيد .. طبعا جده كسب بدون شك ..
- بعد ما خلص الطقطوقه و أبتدا يضحك مع الطلاب اللى ألتفوا حوله لاقيت نفسى قمت و رحت له و سلمت عليه و قدمت له نفسى .. لاقيته رايح واقف و سلم عليا بترحاب شديد و بأحترام شديد و عرفنى بنفسه : اٍيمان البحر ..
و من اللحظه دى أبتدت صداقتنا .. كنت وراه فى كل حفله بيشارك فيها فى الكليات لأن فى الوقت ده كان فيه زخم فنى و ثقافى عاتى فى جامعة الاٍسكندريه .. ندوات ثقافيه بيحضرها كتاب كبار و شعراء و مثقفين يعتد بهم .. معارض فنون تشكيليه .. حفلات موسيقيه و غنائيه .. رحلات منظمه بشكل جيد كنا بنستفيد فعلا منها .. اٍحتكاك مباشر بأساتذتنا و مناقشات بينا و بينهم .. مكتبات لا حصر لها و مراكز ثقافيه أجنبيه فاتحه أبوابها بالمجان لكل الطلاب .. يعنى كان الجو مختلف تماما عما نشاهده الآن رغم مضايقات زملائنا الرافضين لفكرة الثقافه من أساسه ..
كان اٍيمان البحر بيقضى معظم أوقاته بين المحاضرات بكليته فى كافيتريا كلية الآداب .. و كان له أصدقاء مننا كثيرين لا حصر لهم .. أحببناه لدماثة خلقه و لطفه الشديد و اٍبتسامته الجذابه التى لا تفارقه ..
جدع أسكندرانى أبن بلد شهم و يفدى صاحب صاحبه .. و لو كان يعرف أن حد فى ورطه و لا مشكله ماكنش ينام الليل غير لما يحلها له و ياما أتكلف فى سبيل حل مشاكل أصدقائه ..
لما سألته ليه يا اٍيمان ما دخلتش معهد الموسيقى ؟ قال لى : اٍحتراف الموسيقى ما يأكلش عيش !! الموسيقى دى هوايه و لو أحترفتها مش حأنفع فيها ..
قبل الاٍمتحانات كان اٍيمان بيختفى و بيدخل الصومعه يذاكر زى السوسه علشان يعوض الأيام اللى قضاها حاضن عوده و بيتنقل من هنا لهناك .. و كان دايما بيجيب تقديرات كويسه .. ما هو الشاطر فى حاجه بيبقى شاطر فى كل حاجه أو هكذا يفترض ..
أنا و اٍيمان أختلفنا على حاجه ذات مره .. سوء تفاهم أو سوء فهم .. و زعلنا من بعض و دى كانت المره الأولى و الأخيره .. عدت شوية أيام و ماجاش كلية الآداب .. قلقت عليه و رحت له البيت علشان أصالحه .. لاقيته قاعد فى أوضته و مطفى النور و ضوء المغرب الخفيف داخل من الشباك .. قاعد على السرير و حاضن عوده و أبتدا يدندن : و الله تستاهل يا قلبى ليه تميل ما كنت خالى أنت أسباب كل كربى و أنت أسباب ما جرالى ..
يمكن ماخدش باله أنى موجود .. يمكن أنفصل بروحه عن المكان و الزمان .. يمكن أنا اللى أنعزلت عن الموجودات و اٍحساسى بالذنب تجاهه خلانى أشعر بضآلة و حقارة ما أختلفنا عليه و كدنا أن نخسر صداقتنا بسببه .. مش عارف !!
اٍيمان البحر درويش أحيانا أظن أنه مجرد روح .. روح بغير جسد .. روح شفافه مرهفه مرهقه تحترق من الداخل لاٍسعاد الآخرين .. روح تهيم و تتغذى بالموسيقى و بالجمال و بالمشاعر الاٍنسانيه التى لا تعرف حدودا و لا قيدا ..
صديقى الجميل بجد أنا فى حاجه شديده لسماع صوتك ..
|
هناك 10 تعليقات:
ياه يا عمرو
ابرزت جانب ممكن يكون خفى عن كل واحد فينا من شحصية ايمان البحر درويش ثانيا ايمان لما قال احتراف الفن ما يكلش عيش كان وقتها بعيد النظر لانى اللى زى ايمان حاليا مالهمش مكان وكل اللى كانوا معاه هو وعلى الحجار والحلو انتهوا حتى لو لسة شغالين وعلشان كدة تلاقى انجح اعمالهم بتاعت زمان مش سلق البيض بتاعت دلوقتى اللى بتتعمل لمجرد اكل العيش
صحيح ايمان البحر طول عمره مختلف
مختلف فى كل حاجة بيقدمها خسارة انه اختفى واختفت بصمته
تحياتى
على طول لما كنت احب زمان اروح فى دنيا تانيه اشغل ايمان البحر وانفصل عن العالم
و طبعا لانى ماعرفش غير جانب المغنى فقط فكنت بحترمه
بس بجد بعد كلامك زاد احترامى ليه
رئيس جمهورية نفسى
يا صديقى العمله الرديئه دائما ما تطرد العمله الجيده
اٍيمان و اللى زيه ما نفعوش وسط هوجة العنب و الخيار لامؤاخذه
مش عارف و آخرتها أيه ؟؟
princess
اهلا بيكى
أيوه اٍيمان للأسف أنقطع عن الفن و الأضواء و ساب مكانه فاضى
ضد التيار
اٍيمان شخصيه محترمه جدا جدا و راجل راقى فى تصرفاته و مشاعره بس عيبه أنه حساس شويه زياده عن اللزوم
السلام عليكم ورحمة
الله تعالى وبركاته
أستاذ عمرو
كلامك يؤكد كلام صديق مدون من قبل كان عمل بوست مخصوص لايمان البحر درويش بعنوان (نفسى)واد ايه ان اللى يعرف الانسان ده شخصياً يعرف انسان يساوى الكنوز فى المحافظة على كرامته وفنه ونفسه.
الفنان الجميل
صحيح ان ايمان البحر اعتزل و تدين؟؟
في شخصيتك جوانب كثيرة مضيئه و مواهب متشابكه و ايضا خبرات كثيرةمما اثمر عن مخزون قصصي رائع فلا تتواني بكتابة روايه طويلة عوضا عن القصص القصيرة اعتقد انك سوف تبدع فيها ايضا
تحياتي
ايمان البحر شخص ملتاث عقليا بعد غناؤه لاغانى جده ودروشتهالدينيه افلس
وعمل من نفسه مشروع داعيه اسلامى وفشل وتخبط ..........الف رحمه!!!!!!
الاغنيه دي جميله فعلا
إرسال تعليق